مهما كانت مبررات القرار الذي اتحذه وزير الثقافة المصري بغلق القنوات التي تنشر الفكر الظلامي فإنه لا يسعني إلا أن أحييه وأدعوه إلى مزيد من الصرامة في التعامل مع مثيلاتها من الأوباش التلفزية
إن هذه القنوات التي تبث سمومها الطائفية والرجعية صلب المجتمعات العربية تشكل أكبر عائق أمام تطور تلك المجتمعات باعتبار أن التطور الإنساني يقتضي أولا وبصفة أساسية حيزا من الحرية الإجتماعية. بينما ما تدعو إليه تلك القنوات هو تقييد مطلق للعقل البشري حتى فيما يتعلق بأبسط الأمور وأتفهها وتكريس للفكر الجبري في الحياة الإنسانية من المهد إلى اللحد
ولن أطيل الحديث فيما يتعلق بنظرة أصحاب تلك القنوات إلى المرأة فهي في زعمهم عورة العورات ومنبع الشهوات وكأن الإنسانية تختزل لديهم في بعدها الجنسي الشبقي. وكأن أصحاب اللحي الطويلة بعد أن حرمهم اللإسلام من إمكانية وأد البنات وجدوا طريقة أخرى للتخلص منهن من خلال دفنهن أحياء تحت الأقمشة السوداء
وإني أعتقد أنه قبل أن التعرض للمشاكل السياسية في المجتمعات العربية يجب على هذه المجتمعات أن تبدأ أولا بإصلاح ذاتها وأن تتخلى عن الأفكار التكفيرية والسلفية وأن تبادر باحترام الإنسان العربي في إنسانيته بأن تعتبر الدين مسألة شخصية بحتة و الجسد (الذكوري منه والإيناثي) ملكية ذاتية لصاحبه لا يحق للآخر أن يلقي عليه بشهواته وأحكامه المسبقة
كما أنه يجب علينا عند مناقشة مثل هذه الإشكاليات أن نتخطى الحجج التافهة من قبيل أترضى ذلك لأختك أو لأمك وكأنهن إماء لا يزلن تحت وصاية أسيادهن. وما يحز في نفسي أن غيرنا من الشعوب تقدم وركب منذ أمد قطار التحضر والمدنية في حين بقيت شعوبنا تحصي العورات والمخارج البولية
فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم