lundi 30 janvier 2012

خواطر في معركة الحداثة


  "هزيمتنا تعني فقط أننّا لا نزال قلة في مواجهة الباطل" برتولدت بريشت


إنّ معركة الحداثة التي بدأت ملامحها تبرز في الأفق بكلّ وضوح في المدة الأخيرة ستكون دون شك لحظة مفصلية في تاريخ البلاد التونسية. هذه المعركة التي نتمنى جميعا أن تكون فكرية وبعيدة كلّ البعد عن العنف بمختلف تمظهراته قد وقع تأجيلها منذ عقود طويلة نتيجة الطابع السلطوي لمنظومة الحكم التي عرفتها البلاد حيث خيّر كلّ من النظام البورقيبي والنظام النوفمبري حسم هذا الصراع بطرق أمنية صرفة والحال أنّ هذا الردّ النمطي لا يخدم إلاّ المصالح الضيّقة للحكام الفاسدين باعتباره يمنحهم حيّزا زمنيا أطول للبقاء في سدة الحكم لكنه على المدى المتوسط والبعيد يزيد الطين بلة ويعمق الهوّة بين أفراد المجتمع الواحد بل إنّه يهيئ الأرضية الخصبة لانتشار الأفكار المقموعة  فكلّ محظور مرغوب إضافة إلى أنّ الفئة المجتمعية المضطهدة ستحظى بتعاطف طبقات شعبية واسعة نتيجة القمع والتنكيل الذي تعرضت له والذي لا يمكن لأحد أن يقلل من بشاعته. (في الحقيقة نفس هذه التجربة حصلت في دول أمريكا الجنوبية فخلال الستينات والسبعينات تمّ قمع اليساريين عامة والشيوعيين خاصة بوحشية من طرف الدكتاتوريات اليمينية مما ولدّ تعاطفا شعبيا كبيرا تجاه الأحزاب اليسارية وأفكارها وهو ما يفسر نسبيا انتصاراتها الانتخابية المدوية خلال العشرية الأخيرة).


إذن فالصراع الفكري والسياسي يدور حاليا بين طرفين غير متكافئين فإضافة إلى تمتع أحدهما برأس مال هام من التعاطف المبدئي تمّ جمعه عبر دفع ضريبة الدم فإنّ هذا الطرف يستعمل كذلك أسلحة يمكن وصفها بأنها غير تقليدية (non-conventionnelles) باعتباره يوظف الوازع الديني قصد كسب أرباح (أو غنائم) على المستوى السياسي والاجتماعي.


وبالنظر إلى هذه المعطيات لا نستغرب عجز أصحاب الصفر فاصل، كما يحلو لمناوئيهم توصيفهم، عن تعبئة واستقطاب الجماهير نحو برامجهم الحداثية زد على ذلك أنهم ارتكبوا أخطاء قاتلة على مستوى الخطاب التسويقي مما يسّر مهمة خصومهم.


ولكن لتنسيب الهزيمة الحينية لأهل الحداثة لابدّ من الاعتراف بأنّ الدفاع عن البرامج من خلال استعمال لغة العقل والمنطق ليس بالأمر الهيّن داخل مجتمعات عمل نظام الحكم الفاسد على ترسيخ تصحرها الفكري والثقافي فأضحت فريسة سهلة لكلّ متسربل بعباءة الدين خاصّة في ظلّ المدّ الوهابي القادم من الشرق ممتطيا صهوة الأقمار الصناعية ومدعوما بأموال المشائخ البدوية. فاختلط في ذهن العامة الحابل بالنابل وأصبح كلّ مدافع عن قيم الحداثة عدوّا للدين وحليفا موضوعيا (أو (طبيعيا) للمنظومة البائدة بوصفها رمز العداء الأكبر للدين والتديّن. (لا يمكن أن نلوم المواطن البسيط على هذا الخلط وهو الذي كان يشاهد المضايقات التي يتعرض لها المتدينون حتى الذين لم تكن لهم أيّة انتماءات حزبية والكلّ مثلا يتذكر تلك الدعوة التي تقدمت بها عضوة في مجلس المستشارين للخفض من صوت الآذان وهذا الحدث وإن كان يبدو هامشيا إلاّ أنّه ذو دلالات رمزية هامة وقع استبطانها في اللاوعي الشعبي طيلة الحقبة الماضية).


ما الحلّ إذن لتجاوز مختلف هذه العقبات والتصدّي لأمواج الرجعية العاتية؟ في الحقيقة يخطئ من يعتقد أنّ هناك أجوبة جاهزة ومما لا شكّ فيه أنّ أنصار الحركات التقدمية سيواجهون في الفترة القادمة عزلة كبيرة لكن المهمّ هو التشبث بمبادئ الحرية وحقوق الإنسان والاستبسال في الدفاع عنها باستعمال العقل والحجة والعمل على توعية المواطنين من خلال النزول إلى أرض الواقع للتواصل مع مختلف فئات المجتمع خاصة الفقيرة منها والمهمشة والتفاعل معها دون شعبوية أو دغمائية. فمن الضروري في هذه المرحلة التاريخية الهامة أن يقترن القول بالعمل حتى لا تبقى الحداثة سجينة برجها النخبوي فالهزيمة مهما كانت فداحتها ليست عيبا ولكن تصبح كذلك حين لا تستخلص منها العبر التي تمكن من تفاديها في المستقبل.

jeudi 26 janvier 2012

فرج فودة الرجل الذي فضح أهل الشقاق والنفاق


هناك من الرجال من هو أكبر من الموت بل إنّ الموت لا يزيد هذا الصنف من الأفذاذ إلا تألقا وإشعاعا. الكاتب الكبير فرج فودة ينتمي إلى هذه الفصيلة النادرة من المفكرين المتشبعين بقيم الحرية الذين لا يعرفون الانحناء ولا يخشون في قول الحق لومة لائم حتى وإن كان هذا اللائم يحمل سلاح الغدر والغيلة
 
فرج فودة أقضّ مضاجع المتسربلين بلباس الدين لغايات دنيوية دنيئة الذين يتشدوق بكلمات في ظاهرها حق ولكن لا يراد بها إلا الباطل هدفهم الوحيد الوصول إلى السلطة لفرض أفكارهم المتطرفة وقمع كلّ رأي مخالف مثلهم كمثل الحكام الفاسدين الذين يناصبونهم العداء وجهان قبيحان لعملة واحدة
 
فرج فودة تصدّى بالمنطق والعقل لأعداء العقل ففنّد أكاذيبهم وأفحم شيوخهم في مناظرات شهيرة عجزوا فيها عن مقارعته بالفكر والحجة فوجهوا له أبشع التهم كما يفعلون دائما وهتكوا عرضه وعرض عائلته كما يفعلون دائما وحين تأكدوا أنه لن يغادر ساحة الوغى ولن يصمت رغم هذه الأساليب القذرة كفّروه وحرّضوا الغوغاء على قتله كما يفعلون دائما فكتبت له الشهادة وما أروعها من شهادة، شهادة في سبيل الدفاع عن الإسلام النيّر إسلام العدل والعمران لا إسلام الجهلة والمتطرفين
 
ولكن حتى في قبره لا يزال فودة كابوسا يؤرقهم فتراهم إلى هذا الحين يتفننون في سبه وثلبه ويبررون دون استحياء جريمة قتله. كيف لا والرجل قد أبطل كيدهم وفضح عورتهم بعد أن أماط ورقة التوت الدغمائية البالية التي ما فتئوا يختبئون وراءها
 
رحمك الله يا أستاذ فرج وتغمدك بواسع مغفرته فقد عشت حرّا كريما ومت عزيزا رافضا العيش بذلّة بين حفر الجهل والرجعية. وأنهي كلامي هذا مستشهدا بوصفك البليغ المعبّر لأهل الشقاق والنفاق والذي سيظلّ يلاحقهم ملاحقة الظلّ لصاحبه: "السائرون خلفا، الحاملون سيفا، المتكبرون صلفا، المتحدثون خرفا، القارئون حرفا، التاركون حرفا، المتسربلون بجلد الشياه، الأسود إن غاب الرعاة. الساعون إن أزفت الآزفة للنجاة، الهائمون في كل واد، المقتحمون في مواجهة الارتداد، المنكسرون المرتكسون في ظل الاستبداد، الخارجون عن القوانين المرعية، لا يردعهم إلا توعية الرعية، ولا يعيدهم إلى مكانهم إلا سيف الشرعية، ولا يحمينا منهم إلا حزم السلطة وسلطة الحزم، ولا يغني عن ذلك حوار أو كلام

mercredi 25 janvier 2012

Fausse couche révolutionnaire

Ainsi donc, il paraît de plus en plus évident que la montagne révolutionnaire a accouché d’une portée de ratons obscurantistes. En vérité le contraire aurait été étonnant. Ayant beaucoup côtoyé, l’homo sapiens tunisien de base notamment lors de mémorables huis clos dans nos célèbres bus jaune vomi (une expérience plus enrichissante sur le plan spirituel que sept années de retraite dans un monastère tibétain), j’aurais été surpris que notre révolution bénie puisse déboucher sur un modèle politico-social à la scandinave.

Personnellement, j’avais parié sur une évolution vers un modèle teinté de conservatisme mou style Egypte des années 90, le génie littéraire et cinématographique en moins. Mais là encore il semble que je me suis montré quelque peu optimiste dans mes prévisions car au vu des derniers événements, on dirait qu’on se dirige dans la joie et la bonne humeur vers une reproduction tragi-comique de l’expérience afghane en matière de libertés et de respect des droits de l’homme.

Le plus drôle dans l’histoire, c’est que cette Tunisie obscurantiste a toujours été là, bien tapie dans l’ombre attendant patiemment de prendre sa revanche historique et lorsque les conditions opportunes que l’on connaît ont été réunies, elle a fait son «coming out» tous Qamis dehors.

Malheureusement, certains apprentis sorciers croient qu’en tergiversant et en adoptant un profil bas ils pourront maîtriser, le feu obscurantiste afin de l’utiliser à des fins bassement électorales en oubliant au passage qu’un incendie dévastateur peut arriver plus vite qu’on le croit.

J’aurais voulu terminer ce petit post insignifiant sur une note optimiste, mais je ne vois aucun signe qui puisse augurer d’un avenir plus radieux. Cependant j’aimerais dédier ces quelques mots du grand Bertolt Brecht à tous ceux, qui comme moi, sont assaillis par le doute et l’amertume : « nos défaites d'aujourd'hui ne prouvent rien, si ce n'est que nous sommes trop peu dans la lutte contre l'infamie, et de ceux qui nous regardent en spectateurs, nous attendons qu'au moins, ils aient honte ».