jeudi 26 janvier 2012

فرج فودة الرجل الذي فضح أهل الشقاق والنفاق


هناك من الرجال من هو أكبر من الموت بل إنّ الموت لا يزيد هذا الصنف من الأفذاذ إلا تألقا وإشعاعا. الكاتب الكبير فرج فودة ينتمي إلى هذه الفصيلة النادرة من المفكرين المتشبعين بقيم الحرية الذين لا يعرفون الانحناء ولا يخشون في قول الحق لومة لائم حتى وإن كان هذا اللائم يحمل سلاح الغدر والغيلة
 
فرج فودة أقضّ مضاجع المتسربلين بلباس الدين لغايات دنيوية دنيئة الذين يتشدوق بكلمات في ظاهرها حق ولكن لا يراد بها إلا الباطل هدفهم الوحيد الوصول إلى السلطة لفرض أفكارهم المتطرفة وقمع كلّ رأي مخالف مثلهم كمثل الحكام الفاسدين الذين يناصبونهم العداء وجهان قبيحان لعملة واحدة
 
فرج فودة تصدّى بالمنطق والعقل لأعداء العقل ففنّد أكاذيبهم وأفحم شيوخهم في مناظرات شهيرة عجزوا فيها عن مقارعته بالفكر والحجة فوجهوا له أبشع التهم كما يفعلون دائما وهتكوا عرضه وعرض عائلته كما يفعلون دائما وحين تأكدوا أنه لن يغادر ساحة الوغى ولن يصمت رغم هذه الأساليب القذرة كفّروه وحرّضوا الغوغاء على قتله كما يفعلون دائما فكتبت له الشهادة وما أروعها من شهادة، شهادة في سبيل الدفاع عن الإسلام النيّر إسلام العدل والعمران لا إسلام الجهلة والمتطرفين
 
ولكن حتى في قبره لا يزال فودة كابوسا يؤرقهم فتراهم إلى هذا الحين يتفننون في سبه وثلبه ويبررون دون استحياء جريمة قتله. كيف لا والرجل قد أبطل كيدهم وفضح عورتهم بعد أن أماط ورقة التوت الدغمائية البالية التي ما فتئوا يختبئون وراءها
 
رحمك الله يا أستاذ فرج وتغمدك بواسع مغفرته فقد عشت حرّا كريما ومت عزيزا رافضا العيش بذلّة بين حفر الجهل والرجعية. وأنهي كلامي هذا مستشهدا بوصفك البليغ المعبّر لأهل الشقاق والنفاق والذي سيظلّ يلاحقهم ملاحقة الظلّ لصاحبه: "السائرون خلفا، الحاملون سيفا، المتكبرون صلفا، المتحدثون خرفا، القارئون حرفا، التاركون حرفا، المتسربلون بجلد الشياه، الأسود إن غاب الرعاة. الساعون إن أزفت الآزفة للنجاة، الهائمون في كل واد، المقتحمون في مواجهة الارتداد، المنكسرون المرتكسون في ظل الاستبداد، الخارجون عن القوانين المرعية، لا يردعهم إلا توعية الرعية، ولا يعيدهم إلى مكانهم إلا سيف الشرعية، ولا يحمينا منهم إلا حزم السلطة وسلطة الحزم، ولا يغني عن ذلك حوار أو كلام

Aucun commentaire: