vendredi 16 mars 2012

ماذا نريد من الثورة التونسية ؟


الإجابة على هذا السؤال لا يمكن أن تكون واحدة فكلّ فئة من فئات الشعب التونسي ستجيب عليه من خلال ما تحمله من آمال وتطلعات ومشاغل والتي هي مختلفة بقدر اختلاف انتماءاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية (اعتذر من الرفيق كارل لعدم استعمال مصطلح "الطبقية" فتهم الإلحاد والشيوعية قد تصبح قريبا محلّ مؤاخذة قضائية في هذا البلد الأمين مما يستوجب تبني التقية اللفظية.)

وقد يقول البعض أنّ هناك جملة من المطالب الأساسية التي يتفق حولها جميع التونسيين مهما اختلفت رؤاهم وتوجهاتهم وهي تلك التي تتعلق بالحرية والعدالة والكرامة. لكننّي شخصيا لا أشاطر هذا الرأي إذ توجد بيننا أقلية (أتمنى أن تكون كذلك) مقتنعة أنّ الوصول إلى الحرية والكرامة يمرّ وجوبا عبر تطبيق إيديولوجيا قمعية صلب المجتمع التونسي مستمدّة من تأويلات متطرفة للقرآن والسنة. وبالتالي فإنّ الحديث عن مفاهيم مثل حقوق الإنسان والمواطنة لا يعني شيئا بالنسبة لهذا الصنف من التونسيين.

ومع الأسف يوجد من بين منخرطي بعض الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية من يتبنّى هذا الرأي بل ويحاول إقحامه داخل المنظومة القانونية التونسية تحت غطاء الشرعية الانتخابية وهو نفس الغطاء الذي مررّ به الأخ أدولف أفكاره النيّرة التي ملأت العالم بردا وسلاما.

وبهذا المعنى فإنّ الثورة التونسية في حدّ ذاتها ليست حدثا هامّا فما يهمّ هو معرفة أيّ مشروع مجتمعي ستؤدي إليه. فمثلا في الأنموذج الإيراني (عافانا وعافاكم الله) لم تكن الثورة إلاّ مرحلة عابرة بين دكتاتورية مدنية وأخرى دينية. فالسؤال الأساسي إذن هو هل ستتحول تونس إلى جمهورية عصرية يسودها العدل وتُحترم فيها حقوق الإنسان بمفهومها المتعارف عليه دوليا احتراما كاملا أم ستتحول إلى جمهورية قروسطية تحكمها تأويلات ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب. فإمّا أن نكون ديمقراطية مدنية أو لا نكون ذلك هو السؤال.

mercredi 14 mars 2012

حين تساوي الثورة بين النضال الشريف والرداءة الالكترونية



جاء في الأثر: رحم الله من قال خيرا فغنم أو سكت فسلم. وأعترف أنني في سنوات الجمر النوفمبرية كنت ممّن فضلوا لزوم الصمت بل والصمت المطبق خوفا من بطش السلطان وأعوانه وبحثا عن السلامة ورغد العيش. وفي المقابل خيّر بعض المدونين إعلاء كلمة الحق فتجاوزوا حاجز الخوف وعبّروا عن آرائهم بكلّ جرأة وشجاعة مع علمهم أنّ حياتهم وحياة ذويهم قد تصبح في أيّ لحظة فريسة لآلة القمع الوحشية. من بين هؤلاء الشرفاء من ضحى بالغالي والنفيس من أجل الحرية والكرامة على غرار شهيد الرأي زهير اليحياوي الذي أقضّ مضجع المخلوع بكتاباته النارية وسخريته اللاذعة في زمن كان فيه الكثيرون لا يجرؤون حتّى على دخول المواقع الالكترونية المعارضة.

وبالنّظر إلى السيرة البطولية للشهيد زهير اليحياوي ولبعض من نسج على منواله ليس من الغريب أن تُقدِمَ رئاسة الجمهورية على تكريمهم والإشادة بنضالاتهم لكن الغريب أن يكون حفل التكريم فرصة لدعوة شقّ آخر من المدونين ونشطاء الانترنت ممن عرفوا بتضحياتهم الجسام وكفاحهم المجيد في سبيل الدفاع على حرية اختيار لون الملابس الداخلية وحريّة إقحام اللعبة الجنسية الملائمة داخل المنافذ التناسلية أو حرية الحديث عن نتائج المباريات الكروية وألعاب الجمباز والقفز بالزانة.

وحقيقة أنّ هذا الصنف من التكريم أمر مشجع لكلّ جبان انتهازي وكلّ تافه بليد الطبع والفكر إذ في صورة عودة الدكتاتورية (والعياذ بالله) لن يكون من الضروري معارضة الظلم والمحسوبية والدفاع عن حقوق الانسان إذ يكفي لزوم الصمت والكتابة حول مواضيع ذات أبعاد جنسية أو رياضية لكي يتمّ الاحتفاء بك بعد نجاح الثورة ودعوتك لحضور المحافل الرسمية والحفلات التكريمية. وصدق من قال أنّ كلّ أمّة تحظى بالنخب التي تستحقها.

mardi 13 mars 2012

حدث ميشال فوكو قال


من خلال أبحاثه حول تمظهرات السلطة وهيكلتها داخل المجتمعات الغربية استنتج الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو أنّه إلى جانب السلطة السياسية بما هي سلطة ردعيّة تفرض تطبيق أحكام وقوانين زاجرة هناك العديد من السلط الأخرى قد تبدو هامشية أو "مكروسكوبية" لكن لها دور كبير في تأطير المجتمعات عبر إنتاج قيم وقواعد تساهم في صقل الوعي الجماعي وتوجيهه. وبهذا المعنى يمكن القول أنّ بروز التيارات الاسلاموية المتطرفة على الساحة التونسية وتكوينها مؤخرا لجمعيات عقائدية من صنف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو إعلان عن نشأة مراكز ميكروسكوبية جديدة للسلطة من شأنها، إن تواصلت هذه الظاهرة، التأثير على وعي وخاصّة لا وعي الأجيال القادمة.

فما يعتبر حاليا عادي ومقبول داخل المجتمع التونسي في مجال السلوكيات والملبس سوف يصبح محلّ نقاش ومراجعة بوصفه لا يتماشى مع القواعد الدينية كما يفهمها المتطرفون والمتشددون. وهو نفس ما حصل في المجتمع المصري بداية من سبعينيات القرن الماضي إذ أنّ اكتساح الفكر الديني المتزمت لمختلف مجالات الحياة المصرية غيّر تماما الوعي الاجتماعي السائد. ومما لا شكّ فيه أنّ ما نعيشه اليوم في تونس سوف يكون له انعكاسات هامة على المستقبل ولعلّ بعض الأطفال لن يصدّقوا آبائهم وأمهاتهم حين سيحدثونهم على ما كانت عليه تونس فيما يتعلق بالحريات الفردية خاصة تلك الممنوحة للنساء وقد تسأل بنت صغيرة أمها بكل ذهول وحيرة ما إذا كانت فعلا يمكنها الخروج إلى الشارع دون نقاب.

vendredi 9 mars 2012

Pourquoi j’écris de plus en plus en arabe ?


 A cette question aux relents fortement égocentriques, certains esprits clairvoyants pourraient répondre par un « qu’est-ce qu’on en a à foutre ». Une telle réponse un peu cavalière certes serait néanmoins tout à fait acceptable, moi-même ayant une sainte horreur de tous ces bloggeurs et bloggeuses qui ne voient pas au-delà de leur nombril et qui, à longueur de journée, ne font que parler de la couleur de leur string et autres sujets cruciaux du même acabit.

Plus sérieusement, mon interrogation concernant la langue utilisée pour rédiger mes billets découle du constat objectif suivant : le nombre des lecteurs des billets libellés en arabe est nettement plus important que celui de ceux rédigés dans la langue de Molière. Cette statistique n’est pas propre à mon seul blog puisqu’elle est confirmée par une tendance générale qui traverse l’ensemble de la blogosphère tunisienne et qui fait que les blogs arabophones (qu’ils soient en arabe littéral ou dialectal) semblent, ces derniers temps, avoir la cote auprès des lecteurs plus que leurs homologues rédigés en français.

Est-ce qu’il s’agit d’un simple effet de mode ? Ou bien est-ce que c’est une des conséquences insidieuses de l’islamisation rampante de la société tunisienne et dont l’arabe est la langue de prédilection ? Il est difficile de se prononcer sur la chose d’autant plus que la blogosphère tunisienne elle-même n’est plus ce qu’elle était et l’échantillon des blogs qui sont encore actifs n’est pas assez représentatif pour pouvoir tirer des conclusions pertinentes. Ce qui est sûr en revanche c’est que la langue française en particulier et les francophiles en général ne sont plus en odeur de sainteté au sein de la société tunisienne postrévolutionnaire. La francophonie est même devenue une insulte dans la bouche de certains puisque les amoureux de la culture française sont accusés d’être une sorte de cinquième colonne œuvrant pour servir les intérêts de l’Etat français et pour propager la laïcité et l’athéisme. Il faut avouer que l’attitude ambigüe des autorités françaises vis-à-vis de la révolution tunisienne y est pour beaucoup.

Nos gouvernants actuels semblent également allergiques à la langue française car elle représente à leurs yeux cette Tunisie moderniste et « libérale » qui s’oppose farouchement à leur modèle de société teinté de conservatisme et dont les inspirations sont plutôt orientales. L’exacerbation des tensions autour de cette question linguistique a même poussé le sex-symbol de la prédication islamiste frère Tariq Ramadan à se prononcer sur le sujet lors de sa visite médiatique à Tunis en appelant les autorités et le peuple tunisien à préserver le bilinguisme car il constitue indubitablement une richesse et non une aliénation comme certains esprits rétrogrades se plaisent à le faire croire.

Cette polémique autour de l’arabe et du français n’est pas nouvelle sous nos cieux. Il est d’ailleurs bon de rappeler que l’arabisation de l’éducation nationale a été initiée en Tunisie par Mzali et elle a été renforcée avec Ben Ali ce qui a grandement contribué à la paupérisation de l’enseignement et à la bâtardisation linguistique des écoliers et des étudiants à tel point que beaucoup d’entre eux quittent les bancs de l’université ne sachant même pas formuler correctement une phrase en français (ni même en arabe d’ailleurs).

 
L’échec cuisant de cette expérience semble avoir échappé à la sagacité de nos actuels dirigeants puisque dernièrement le ministre de l’éducation vient de déclarer que l’arabisation à outrance de l’enseignement est une priorité du gouvernement. De telles déclarations sont de nature à nous rassurer sur l’avenir scolaire de nos jolies têtes brunes et il est certain que les écoles privées qui dispensent des programmes dans lesquels les langues étrangères sont bien présentes ont encore de beaux jours devant elles. Tant pis donc pour les petits tunisiens issus des classes populaires et dont les parents n’ont pas les moyens de les inscrire dans de telles écoles. D’ailleurs pourquoi ont-ils besoin d’apprendre les langues étrangères ? L’apprentissage de l’arabe suffit amplement pour en faire de bons petits soldats de la foi qui œuvreront énergiquement à la lutte contre le vice et à la promotion de la vertu.

jeudi 8 mars 2012

وكالة أسفار الثورة


من بين بركات الثورة التونسية التي لا تعدّ ولا تحصى تمكين أحد عشر مليون مواطن تونسي من الاستمتاع بتجربة السفر عبر الزمن. إمكانية القيام بهذه الاسفار والتي كنّا نعتقد أنّها متاحة فقط في أفلام الخيال العلمي تحققت على أرض الواقع بفضل الثورة المجيدة مع شرط وحيد هو أنّ الشعب التونسي لا يمكنه اختيار الفترة التاريخية التي يودّ السفر إليها إذ هو مجبر على الرجوع إلى الحقبة المتراوحة بين القرن الأول والثاني هجري.

لكن رغم هذا الشرط فإنّ السفر عبر الزمن يتضمن محاسن وفوائد لا يستهان بها من ذلك تمكين المسافر من التعرف على خصوصيات العصور الماضية وممارسة أعمال كنّا نعتقد أنّه من الصعب القيام بها في عصرنا الحديث مثل التمرّس على الجهاد كعمل ترفيهي منعش بما يتضمنه من دعوة لقطع الايادي والأرجل والرؤوس. كما يمكن كذلك للمسافر الحصول على سبيّة يتسرى بها ويجعل منها جارية مطيعة تلبّي كلّ رغباته وشهواته الجنسية.

وفي إطار تنظيم هذه السفرات الزمنية ننصح الأخ المسافر بتبني مظهر خارجي لائق ينسجم مع بيئة العصر الذي سيسافر إليه. فمن الضروري إطالة اللحية وارتداء القميص الافغاني الأصيل ولكن يمكن لمسافرنا المبجّل الاحتفاظ بحذائه الرياضي الأمريكي الصنع إذ أكّد لنا عديد الأخصائيين والمؤرخين أنّ مثل ذلك الحذاء كان شائعا في القرن الثاني للهجرة بل ويعتقد أنّ استعماله منح تفوقا عسكريا لجيوش المسلمين مما مكّنهم من إعلاء كلمة الحق في ربوع المعمورة.

وبفضل هذا النمط الثوري من السفر سوف يمتزج بحول الله ماضينا بحاضرنا وقد نشهد مثلا اعتصامات حاشدة أمام وزارة شؤون الرعية والعبيد للمطالبة بالترفيع في عدد الجواري المسموح به أو بإلغاء شرط السنتين جهاد قبل إمكانية جلب جارية من الخارج. كما أنّه في إطار تدعيم المالية الإسلامية قد يقترح أن تقدم البنوك الإسلامية قرضا حسنا لكلّ ذكر تونسي بالغ حتّى يتمكن من اقتناء جاريته الأولى بأقلّ تكلفة ممكنة.

هذه فقط عينّة صغيرة من محاسن السفر عبر الزمن الذي فتحت لنا الثورة المباركة بابه ولا شكّ أنّ ما سنكتشفه من محاسن إضافية في المستقبل القريب يفوق بكثير آمالنا وتوقعاتنا.

mercredi 7 mars 2012

لا هيبة لمن لا يطاع

مقتطفات من مقال سابق أسوقها كتعليق على الهجمة الظلامية التي طالت رموز ومؤسسات ما لا يزال يعرف حتى هذه اللحظة بالجمهورية التونسية:

(...) هل أصبحت تونس مقاطعة أفغانية أو محافظة عراقية حتّى يرتع فيها أمراء الحرب والميليشيات الدينية ممّن يحاولون فرض نمط معيشي مستورد لا يمتّ بصلة إلى الواقع التونسي؟

يجب على الحكومة الجديدة أن تتصدّى بكلّ حزم لمثل هذا الالتفاف الفاحش على القانون والمؤسسات الوطنية ولا أقصد ذاك الحزم الدكتاتوري الذي أشار إليه المخلوع قبل رقصته البهلوانية الأخيرة وإنّما الحزم الديمقراطي المبني على استعمال العنف الشرعي والمقنن ضدّ كلّ من تسوّل له نفسه الأمارة بالسوء اللجوء إلى منطق القوة لفرض آرائه وتوجهاته على بقية أفراد المجتمع.

إنّ النظام الجديد الذي يستمدّ وجوده من الشرعية الانتخابية لا يمكن أن يقبل بمثل هذا التعدي على هيبة الدولة التونسية مجسّمة في مؤسساتها التربوية وحتّى وإن وقع تقزيم تلك الهيبة خلال الحقبة الطرابلسية واستعمالها لخدمة غايات شخصية دنيئة، فإنها تبقى رغم ذلك خطّا أحمر لا يمكن تجاوزه من قبل أيّة فئة ضالة "لا تَصلحُ ولا تُصلحُ" وإلا سيكون ذلك إعلانا صريحا لبداية نهاية التجربة الديمقراطية التونسية.

يجب على السيد الجبالي ومن معه أن يدركوا أنّ هيبة الدولة مكسب ناضلت من اجله أجيال عديدة من التونسيين وأنّهم الآن بوصولهم إلى سدّة الحكم ورثة ذلك النضال الذي ابتدأ منذ أن رفعت السفن التونسية العلم المفدّى في ميناء الأستانة معلنة استقلالها الرمزي عن الباب العالي. كما أنّه من أجل تلك الهيبة كافح خير الدين أمام القضاء الفرنسي لاسترجاع الأموال التي نهبها من خزينة الدولة أجداد النمط الطرابلسي. ومن أجلها أيضا ناضل الحامي والثعالبي وحشاد وكثيرون معهم حتى تمكن بورقيبة من إقرار تلك الهيبة على أرض الواقع لكن لكي يتولى مع الأسف تقويض دعائمها بنفسه بعد ذلك.

 إنّ الدولة التونسية ليست جمهورية موزية كما أرادها بن علي أن تكون بل هي سليلة تاريخ عريق راسخ في القدم وعلى من سيحكم تونس باسم الشعب والقانون أن يصون هيبتها وشموخها من مثل هذه التصرفات الرعناء المتطرفة...