jeudi 1 mars 2012

نحبّ الجلاد كما لا يحبّ الجلاد أحد

نحن شعوب جبلت على حبّ من يستبلهها ويسيء إليها وعلى التنكيل بمن يريد إصلاح أمرها وتوجيهها إلى طريق العقلانية والتحضر. شعوب مازوشية تعشق جلاديها فما إن تتخلص من أحدهم حين يصيبه الضعف والوهن حتّى تشرع في البحث عن جلاد جديد يشبع غرائزها وتعطشها للظلم والتبعية. فأين تولي وجهك لا ترى إلاّ قطعانا تائهة تبحث عن راع يسوسها إمّا بسطوة القوّة أو بقدسية الدين والويل والثبور لمن تسول له نفسه الأمارة بالسوء التغريد خارج السرب. ولنا في التاريخ العربي الإسلامي أمثلة عديدة لمفكرين وفلاسفة حاولوا التمرّد على المؤسسات السياسية والدينية القائمة وعلى الفكر القطيعي السائد فتعرضوا إلى ألوان من العنف والتعذيب يصعب أحيانا تصديقها.

فمنهم من قطّعت أوصاله وأجبر على أكل لحمه بعد أن تفضّل الجلاد بشوائه (ابن المقفع) ومنهم من صلب حيا قبل أن تقطع أطرافه (الحلاج) ومنهم من حالفه الحظّ ففرّ بجلده إلى المنفى بعد أن أحرقت كتبه وأهدر دمه (ابن رشد) والقائمة لا تزال طويلة. وقد تواصلت هذه السيرة الحسنة في العصور الحديثة فكلّ من حاول الإصلاح هاجمته الغوغاء واعتدت عليه شرّ اعتداء بداية من علي عبد الرازق مرورا بالطاهر الحداد الذي مات بلوعته نتيجة التهميش وقطع الأرزاق. وقريبا منّا تمّ اغتيال المفكر الكبير فرج فودة وحاولوا إعادة الكرّة مع نجيب محفوظ ثمّ تهجموا على نصر حامد أبو زيد وأجبروه على مغادرة البلاد المصرية بعد أن فرقوا بينه وبين زوجته قسرا.

وفي المقابل تهوى شعوبنا حكّامها حتّى وإن صرّحت بخلاف ذلك فهي في قرارة نفسها تعشق كلّ قويّ جبّار يأخذ الأمور بحزم وشدّة دون أن يأبه بترهات الحرية وحقوق الإنسان. ويزداد خنوع العامة إذا كان هذا الحاكم متسربلا بعباءة الدين والورع فيصبح لديهم بمثابة الملاك المنزّل الذي لا يمكن نقده أو تقريعه فهو يكاد يكون منزّها ومعصوما من الخطإ.

وحقيقة لست أعلم متى سنتخلص من عقدنا السادية-المازوشية لنتحول إلى شعوب عقلانية تحترم نفسها ولا تبيع ذممها لكل دكتاتور متجبر مهما كانت خلفيته الإيديولوجية. ربّما سيحصل ذلك بعد أن نتحرّر من عقدنا الجنسية الشبقية التي تجعل منّا أكثر الشعوب في العالم اهتماما بالعورات والمخارج البولية.

2 commentaires:

لاعب النرد a dit…

لاشك ان الصلات وثيقة بين منزلة الجسد في ثقافتنا (الجسد الملغى او المؤجل)و عقدنا النفسية الكثيرة (المازوشية و عبادة الاصنام) ... لا شك ان الصلات وثيقة بين استمرار هيمنة القيم القبلية (حيث يكون الانسان عضوا .. مجرد عضو تحت تصرف المجموعة لا فردا حرا ومسؤولا) و فشل كل التجارب الديمقراطية... ة

Ecrits-anonymes a dit…

لا تزال شريحة هامة من شعوبنا تعيش مرحلة الطفولة الفكرية (وبالتحديد مرحلتها الشرجية) وكأن الإنسانية لم تحقق اي تطور فكري وقيمي منذ القرن الأول هجري هم يعيشون خارج الحضارة والزمن التاريخي متشبثين فقط ببعض القشور الحضارية من تكنولوجيا وملبس الحذاء الرياضي مثلا وحتى هذه القشور يحاولون إقحامها داخل منظومتهم الفكرية لكي ينتفي طابعها المعاصر كتشبيههم السيارة بالدابة