vendredi 3 février 2012

إلى الوراء سر

يبدو أنّ الخطاب السياسي والفكري للسنوات (القليلة؟؟) القادمة لن يخرج من إطار تلك الأسئلة الوجودية الجميلة المفعمة بالشاعرية : هل ترضاه لأختك، هل ترضاه لأمّك؟ حيث أنّ شريحة هامة من المجتمع الكريم تؤمن بكلّ حزم أنّ ستر العورة وتكبيل الفكر الحرّ وقمع الحريات الفردية هو السبيل الوحيد لتحقيق الرقيّ الحضاري والاقتصادي

ولكي يكتمل المشهد وتحقق الثورة الاسلاموية أهدافها المجيدة يجب أن يقع ترجمة مبادئ الرجعية الاجتماعية والسياسية على الأرضية الدستورية أوّلا والتشريعية ثانيا وأغلب الظنّ أنّ ذلك سيتحقق من خلال الدستور التونستاني القادم الذي سينص صراحة على أنّ الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع في الإيالة التونسية. تبعا لذلك ستضمحل بقدرة قادر كلّ الحواجز القانونية التي كانت تقف عقبة أمام إصدار نصوص تقمع الحرية الفردية والفكرية باسم المحافظة على المقدسات وستصبح أحكام مجلة الأحوال الشخصية مجرد حبر على ورق يمكن لكل محب للشريعة وأصولها أن يطعن في دستوريتها أمام القضاء

إذن فالثورات العربية وإن كانت لها ظاهريا دوافع اجتماعية ومعيشية إلاّ أنّ تطور الأحداث السياسية وتشابهها في عديد البلدان يبيّن دون أدنى شكّ أنّها ثورات محركها الأساسي هو الهوية بمعناها الضيق أي بما هي تقوقع على الذات ورغبة  ملحة في الرجوع إلى مرحلة الطفولة الفكرية التي سمتها الهروب من مواجهة الواقع وتحدياته واختزال الطابع المعقد للعالم في بعض الأجوبة والقوالب العقائدية الجاهزة التي لا تسمن ولا تغني من جوع

وبالنظر إلى مختلف هذه المعطيات المشجعة والتي تدعو إلى الغبطة والتفاؤل لا يسعني إلاّ أن أقول على رأي ذلك المثل المصري المعبّر: مسيرها تروق وتحلى والجاي حيبقى أحلى


3 commentaires:

لاعب النرد a dit…

تصور وجيه... لني اود نقاش نقطة واحدة: اعتبرت في نهاية تحليلك ان الدوافع الاجتماعية ليست المحرك الحقيقي للثورات "العربيةو ان المحرك الحقيقي هو" الهوية بما هي نزوع الى الانغلاق
في اعتقادي ان هذا يحتاج الى قلب،
ان دفع مسألة الهوية الى الواجهة(وهو ما تحاول التيارات الاسلاموية فرضه) ليس الا محاولة يائسة لاخفاء الدوافع الحقيقية للانتفاضات العربية و غيرهال
الانتفاضات العربية هي واحدة من تعبيرات اخرى كثيرة تعلن ازمة الرأسمالية ... لا اعتقد ان ما حصل في اميريكا او غيرها يمكن ان يرد ايضا الى مسألة الهوية.

Ecrits-anonymes a dit…

@لاعب النرد
صحيح أن الراسملية "المالية عرفت في السنوات الأخيرة ازمة حادة كان لها تاثير مباشر على الدول العربية مما سرع في اندلاع المسار الثوري لكن بعد نجاح الثورات برز المحرك العقائدي فملأ الدنيا وشغل الناس واعتقد ان هذا المحرك حتى و إن تم تشغيله من بعض الأيادي الخفية إلا انه متجذر في نفسية قسم كبير من شعوبنا وبتالي لا يمكن ان نلقي فقط باللوم على تلك الأيادي فالامر مع الاسف اعمق بكثير من ذلك

Anonyme a dit…

جميل

ولد الصحرا